محتوى بالعربي

بطالة العلماء

محتوى بالعربي

مقدّمة

في تونس، تتكدّس أعداد هائلة من أصحاب شهادات الدّكتوراه بدون شغل لائق و مساوي لمستواهم الأكاديمي، يعيشون أصعب الظّروف المعيشيّة و حالات نفسيّة متدنّية، بسبب تحطّم آمالهم و أحلامهم. إذ بسبب الأزمات المتتالية التّي يعيشها البلد، و منها السّياسيّ و الإقتصاديّ و كثير من الإختيارات الخاطئة و من الفساد الإداريّ و السّياسيّ، حُرمت أجيال و أعداد من الشّباب المتعلّم اللّامع الطّموح من حقّها في الإنتماء للجامعة و مجالها البحثيّ و الإنتداب العادل و حتّى التّعاقد الجيّد و الّذي يمنح حقوقا و إمتيازات و إستمراريّة.

 

1 . الوضعيّة حول بطالة أصحاب الشّهادات الأكاديميّة الكبرى

ما قبل الحصول على شهادة الدّكتوراه

يعاني الطّالب الباحث خلال هذه المرحلة من صعوبات متعدّدة منها : نقص التّمويل و التّحفيز الماليّ. عادة، يغيب المقابل الماليّ أو يكون ضئيلا جدّا أو يتوقّف بعد عدد سنوات أو مرّات تسجيل جامعيّ، و حتّى خلالها كاِحتساب مدد العطل الدّراسيّة الّتي لا تعني الباحث، مثلا، دون إعتبار تواصل مرحلة البحث أو ما بعده. كما تتعقّد دائما الإجرائات في كلّ شيئ أو مرحلة. كما توضع شروط غبيّة تحدّد من يمكن له و من لا يمكن له الحصول على تمويل، حسب دخل الأبوين، مثلا، في حين نتكلّم عن شباب مستقلّ بذاته.

أمّا عن التّمتّع بعقود تدريس جامعيّ خلال المرحلة البحثيّة فيكون ضبابيّا، لا يسمح بأيّ شفافيّة و لا عدل في توزيع تلك العقود التي تمثّل تجارب تدريس مطلوبة فيما بعد في المناظرات و عقود العمل و غيرها.

 

ما بعد شهادة الدّكتوراه

كثيرا ما تتوقّف علاقة الباحث الشّابّ المتحصّل حديثا عن شهادة الدّكتوراه، بالمخبر أو المركز البحثيّ أو الجامعة ككلّ، حال تحصّله على الشّهادة، و أحيانا حتّى قبلها. فإداريّا، يتوقّف عن إنتمائه إليها و بالتّالي، يفقد أيّة مزايا ممكنة. و يصعب عليه أن يستخرج أيّ ورق أو أن يشارك في تظاهرات علميّة أو تمويلات و مشاريع، الخ.

طبعا، بدون أي وثائق و أي وضعيّة جامعيّة و شغليّة قانونيّة يسقط الباحث الشّابّ في منطقة "البطالة" حتّى لو ما يزال يجري بعضا من البحوث أو الكتابات أو المنشورات. لكن، تضيق الدّائرة حوله : لا يمتلك أيّة إمتيازات إجتماعيّة و صحّيّة، لا يمكنه المشاركة في كثير من الفرص و الآليّات، يتوقّف صعوده و تقدّم سيرته العلميّة و العمليّة.

و كثير لا يحظى بأيّ فرص لإستكمال بحوث أو إجراء بحوث جيدة أو مسار بحثي جديد. لأنّه بخلاف توقّف الإنتماء الإداريّ نحو المؤسّسة الأصل، لا وجود حقيقة لفرص عمل و تعاقد جادّة و محفّزة. كلّ ما يُطرح آليّتين أو ثلاث، ضعيفة و معقّدة في الإجراءات و غير شفّافة و غير عادلة و غير مستمرّة أي متقطّعة.

امّا المناظرة الّتي تسمح بإنتداب مستقرّ فهي تشكو خللا كبيرا و توجّه إليها الإنتقادات.

 

ما بعد بعد-الدّكتوراه

إذا ما إنتهت كلّ فرص العمل و التّعاقد و اِ ستوفى الدّكتور الباحث، ربّما، عدد العقود المسموح بها إمّا في التّدريس أو حتّى بالمخابر، فيستقبله الفراغ التّامّ.

كلّ ما قدّمنا من أوضاع و إنعدام فرص مواصلة العمل البحثيّ أو التّدريسي بالإطار الجامعي، يخلق لدى أعداد هامّة من الباحثين الشّبّان و حتّى ممّن تقدّموا سنّا نحو الأربعينات مثلا، جوّا من فقدان الثّقة و الأمل و إنحدارا نحو الإكتئاب و الإنعزال. عدد منهم يغيّرون مساراتهم و يخيّرون البحث عن أعمال أخرى و سبل حياة أخرى.

 

خاتمة

كتلة الباحثين الشّبّان هي قوّة بشريّة و طاقة تُهدر في كلّ حين. تستغلّها دول الخارج لتربح طاقات و خبرات و علماء، كوّنتهم الجامعة التّونسيّة ثمّ فوّتت فيهم. سنعود على المطالب المطروحة في جزء ثاني.

 

سهام ابن عبيد

تونس

او قم بنسخ الرابط وانشرة اينما كان
محتوى بالعربي

هذا المحتوى ملك للمسؤول
arab-blog.com موقع

© arab-blog.com. كل الحقوق تعود الى محتوى بالعربي. صمم ل محتوى بالعربي