محتوى بالعربي

امتحان - قصة قصيرة

امتحان - قصة قصيرة

لم يرفع رأسه؛ ولم يقم لاستقبالي وكأنه لايشعر بوجودي! الوجوم يعلو وجهه والدمع ينسال ,كاد قلبي يطير هلعا لهيئته ،فشل عقلي الذي طرق كل ألوان التوقعات في الوصول لسبب لحالته . طال انتظاري وهو يحرك رأسه يمنة ويسرة ثم يرطمها على المكتب بعنف ! وأخيرا تنهد تنهيدة كاد أن يطير لقوتها ما على المكتب أمامه .

-لقد حدث اليوم مازلزلني! مفارقتان لوقضيت حياتك لترتبهما فلن تستطيع . جاءني رجل ناهز الخمسين متساندا على زوجته ’ليعرف نتيجة تحليل عينة الورم الذي استأصلناه من مخه ,ظللت أمهد له طويلا قبل أن أقول النتيجة وفي النهاية قلت له: اطمئن يا أخي ؛فالسرطان أصبح علاجه ميسورا .وقف الرجل وكأنه شاب في عنفوانه وقبلني واحتضنني وهو يقول : يارب لك الحمد والشكر وخر ساجدا ,ثم نهض يقول مبتهجا: أتعلم يادكتور معنى أن يختارني الله لهذا المرض ؟إنه راض عني ويريد أن يسبب السبب الذي يغفر لي به ، أصل أنا ذنوبي كتبر يادكتور ,ثم تركني وعاد ناظرا للسماء بعين دامعة فضلك عليّ كبير, يا كبير , بدأت استغلال روحه المعنوية العالية لأرتب معه جلسات الكيماوي والعلاج فكنت اتلصص النظر له فأراه مبتهجا كأني أضع له برنامج دخول الجنة . لم تمض ساعة من مغادرة الرجل وزوجته وما زلت لم أسترد من هذا الرجل عقلي الذي سرقه ،إلا والممرضة قد جاءت لتبلغني أن الداعية فلان بالباب ويريد لقائي .

لم أصدق ,هرولت لاستقباله , وأنا أقول له: كم عشقت بلاغتك وفصاحتك وورعك وبكاءك , وها قد جئتني على غفلة وقناتك أمامي . سلّم مبتسما ؛ وجلس منيرا بهيا بغطرته ذات اللون الزهري وثوبه الناصع ورائحة العود تفوح منه ووجهه الأبيض المنير وعلامة الصلاة التي لطالما أضاءت الشاشة ,مرحبا سيدنا ,أبهجتني زيارتك ,ابتسم الشيخ في وقار قائلا :شكرا يادكتور .في الحفيفة أنا سمعت عنك خير ؛ وقد أتيتك في أمر هام ؛ثم وضع الملف أمامي ؛طلب مني فتحه والاطلاع عليه بهدوء . فتحت الملف وجدته تقارير طبية ونتائج لتحاليل متعددة وأشعة لأطباء كانوا مدرسيي بالجامعة .قمت وعلقت الأشعة على الماسح الضوئي , الورم واضح وحجمه كبير والتقارير كلها تؤكد أنه خبيث .نظرت إليه قائلا :سيدي الشيخ لا وقت نضيعه فالتقارير والتحاليل كلها واضحة . تحول لونه الأبيض إلى أسود وانتفض من جلسته وهو يثب على يدي يقبلها :اعمل مابوسعك يادكتور ،ثم وضع يده بجيبه وأخرج شيكا أبيض قائلا:اكتب فيه ماتريد من المال ,لاأريد الموت الآن ؛قفزت لخيالي صورة الرجل البسيط وهو سعيد بامتحان الله له ،ولم أشعر بالشيخ وهو يلملم أوراقه خارجا

او قم بنسخ الرابط وانشرة اينما كان
محتوى بالعربي

هذا المحتوى ملك للمسؤول
arab-blog.com موقع

© arab-blog.com. كل الحقوق تعود الى محتوى بالعربي. صمم ل محتوى بالعربي