"صباحات فرنسية" قصة قصيرة

صباحات فرنسية

كن جميعا وأنا معهن مستغرقات منهمكات في الإجابة على أسئلة اختبار مادة اللغة الفرنسية عندما اقتحمت المكان ثلة من الأشخاص التي لا نعرفها، لم يكونوا من هيئة التدريس بالمدرسة ولا حتى من أولياء أمور الطالبات الذين كنا نعرفهم جميعا بحكم تزاملنا في المدرسة من المرحلة الاعدادية وحتى الثانوية العامة، عَمَّت الضجة الأرجاء حتى أنها أعاقتني عن استكمال إجاباتي وأنا التي أضعت الوقت كعادتي في الثرثرة إليهن بينما استمرت صديقاتي في النظر لورقة الاسئلة غير عابئات في النظر باتجاهي وكأنني مذياع يفيض صوته فيعم المكان لكننا لا نفكر لحظة بالتوجه نحوه بالعيون، ورقة الاسئلة على غير ما اعتدناها في سابق الاختبارات، مثل جريدة متعددة الصفحات، مصقولة الأوراق، زاد اضطرابي عندما اكتشفت أن المتبقي من الوقت لا يزيد عن ربع الساعة ومازال بكراسة الأسئلة العديد من الصفحات التي لا أعرف فحواها ولا أدرك كيف سأنتهي منها، صرخت في المتشاجرين كي يكفوا أو يخرجوا من المكان حتى أستطيع اتمام مهمتي التي أتيت من أجلها وكان لي ما أردت لكنني عندما عدت لاختباري اكتشفت اختفاء جريدتي وكأنها لم تكن بالمكان من الأصل.

رفعت طرف ملاءة السرير الذي أجلس عليه للنظر تحته حتى أنني من شدة انفعالي ساهمت في انقلاب إحدى الطالبات على ظهرها لكنها نظرت لي في تسامح ولم تعقب أو تعترض، أزحت بعض الكراتين المتراصة بجوار السرير ولم أجد فيها سوى بعض أكياس السكر وعبوات من الدقيق يتسرب منها سوس أسود، نفضت يدي مشمئزة منه ومضيت مبتعدة عنهم ورغم فشلي في العثور على إجاباتي السابقة وانتهاء الامتحان بفشل ذريع ورسوب مؤكد وجدتني لا أهتم بما حدث و لم ألق له بالاً لكني مضيت أفكر في كل ما يحيط بي من ظروف عجيبة، فمن ذا الذي يستطيع اقتحام لجنة الاختبار للشجار والتنازع وكيف لم ينتبه له الأمن المخصص لحماية لجان الامتحان؟، وما هو الامتحان الذي يتم وأنا على سرير غرفة صديقتي التي لم أعرفها في الحقيقة إلا بعد اتمامي للثانوية العامة؟، تناوبت عليّ الكثير من الاسئلة تنهش عقلي لم أجد منها مفرًا سوى أن ألكز نفسي لأتأكد من حقيقية ما يحدث لي وواقعيته، فتحت عيني لتواجهني جدران غرفتي فأدرك منها أنني كنت أَحْلُم، لكني تعجبت كثيرا لارتباط أحلامي دائما باختبارات الرياضيات وما بها من جبر وهندسة فكيف بها اليوم قد تحولت للغات الأجنبية وبالأخص الفرنسية؟، توجهت للحمام في تثاقل قبل أن أتوجه لحجرة ابنتي للتأكد من ذهابها لاختبار اللغة الانجليزية المقرر عليها صباح اليوم.